ديسمبر 10، 2014

حركة” الخدمة” تسعى للمزج بتوازن بين التقليدية والحداثة حركة” الخدمة” تسعى للمزج بتوازن بين التقليدية والحداثة

لقد تعرّض المثقفون ورجال الدين والعلماء المسلمون على مرِّ التاريخ لشتّى صنوف التعذيب والهجوم، فمنهم من قبع في السجون، ومنهم من نُفي، ومنهم من حاول البعضُ التقليلَ من شأنه وتشويهَ صورته لدى الناس. وتشهد تركيا هجومًا مماثلًا في الأشهر القليلة الماضية؛ إذ نجد الأستاذ محمد فتح الله جولن يتعرّض لحملات كراهية وافتراء وبهتان من قبل الحكومة، وذلك بالرغم من ريادته لخطوات كبيرة من أجل السلام والمصالحة العالمية، بفضل المدارس المفتوحة في شتى بقاع العالم، ومراكز الثقافة والحوار التي يتزعمها.

وجّهنا أسئلتنا إلى 100 مثقف بارز من مختلف دول العالم حول الأستاذ جولن وحركة الخدمة اللذين تعرّضا لهجمات مكثَّفة من خلال ادّعاء “الدولة الموازية” الذي ابتدعه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للتستّر على عمليات الفساد والرشوة ذات الصلة بشخصه وحكومته، والتي كُشف عنها يومي 17 و25 ديسمبر / كانون الأول الماضي .

نهج ابتكاري موجه لتقليد الإصلاح

(د. أحمد قلول – أكاديمي وكاتب تونسي)

عاشت المجتمعات الإسلامية فترات عصيبة عقب انهيار الدولة العثمانية، وبالرغم من ذلك نشأت حركات الإصلاح التي اتبعت طريقتين مختلفتين، إحداهما، الفعاليات السياسية المعتمدة على التحزّب، تلك السياسة التي اقترحت إعادة هيكلة الدولة، وتبنت السياسة كأداة أساسية للنهوض بالأمة.

وأما الطريقة الثانية، فهي تلك التي تبناها العلماء ورجال الفكر في العالم الإسلامي الذين يمكن أن نصفهم بورثة الأنبياء، فهؤلاء يؤمنون بأنه يمكن تنفيذ فعاليات الإصلاح والابتكار في العالم الإسلامي فقط من خلال العودة إلى الأصول وتوعية الناس من الناحية الدينية والفقهية، وإعادة إحياء روح الاجتهاد.

وأعتقد أن الأستاذ فتح الله جولن هو الرائد الذي يواصل العمل بهذه الطريقة البعيدة عن السياسة، والتي تُعتبر في الوقت نفسه طريقة لا غنى عنها من أجل تحقيق تطوير سليم في العالم الإسلامي، وأرى أن الطريقة الإصلاحية التي يتبعها الأستاذ جولن، ارتكازًا على التربية والتعليم والقيم الدينية والثقافية، توقظ جهد التجديد والابتكار في أرواح الناس وأذهانهم، فطريقة الخدمة هي طريقة تعتمد على المرجعية الإسلامية، ذلك أن الإسلام يخاطب الفرد بطريقة مختلفة عن الأديان الأخرى، ولهذا السبب فإن الفرد يتولى المسؤولية وهو مؤمن بإرادته الحرة بأن الدين سيصلح المشاكل التي يعاني منها الكون، لأنه مخاطب بأوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه.

وانطلاقًا من هذا المبدأ فإن طريقة الأستاذ جولن هذه تعتبر إسلامية، ذلك أنها تنشئ الفرد وترى التعليم كأهم أساس لتنشئة أجيال من الشباب.

الخدمة حركة تمتلك قيمًا عالمية

(بروفيسور د. كاثلين مور – جامعة كاليفورنيا / الولايات المتحدة)

سنحت لي فرصة أفضل للتعرّف إلى حركة” الخدمة” بفضل رحلاتي إلى تركيا ومهرجان ثقافات الأناضول وزياراتي لعدد من المدارس والمستشفيات ومراكز الحوار التي أسستها الحركة، وأما أقْيَم شيء بالنسبة لي فهو الفرصة التي وجدتها للتعرّف إلى الأشخاص الذين عرّفوا أنفسهم على أنهم جزء من حركة” الخدمة”.

لقد شاهدت هذه القيم التي ترتكز عليها” الخدمة” بفضل هذه الوتيرة من التعرف إلى الحركة وأفرادها، وجرّبت في علاقاتي المتطورة قيمًا مثل حسن ضيافتهم والإخلاص والتعاطف الذي أظهروه، ولقد أثّر الأشخاص المنتسبون للحركة في تطور نظرتي تجاه الحركة بشكل كبير، وأعتقد أن الحركة في الواقع سيكون لها تأثير على المدى الطويل، ذلك أنها تضع القيم العالمية للإسلام في المقام الأول، وتظهر للمنتسبين لها أنهم يمتلكون هم أيضًا القيم العالمية الموجودة في الأديان المختلفة.

إن الفرق الأساسي بين حركة” الخدمة” وسائر الحركات الاجتماعية الأخرى في العالم الإسلامي، وإقليم البحر المتوسط وبقية المناطق الأخرى، هو أن الخدمة كرّست نفسها للحوار العابر للحدود، وعندما ننتقل للحديث عن التعليم، فأفراد” الخدمة” يعلّمون الإنسان بصفته كيانًا كاملًا، ولا يهتمون بكون هذا الإنسان مسلمًا أم لا.

رؤية توحّد التقليدية بالعصرية

(بروفيسور د. باتريك درينان – جامعة سان دييجو / الولايات المتحدة)

الأستاذ جولن شخصية كرّست نفسها للتعليم والرؤية المدافعة عن عضوية تركيا بالاتحاد الأوروبي والجهود الرامية لتأسيس حوار ثقافي، ولقد أثبت في العديد من الموضوعات أنه حرّ مستقلّ ولا يتنازل عما يراه صحيحًا، وأعتقد أن السيد جولن ينفتح على العالم الخارجي بالطريقة التي يفرضها الحوار الثقافي بشكل أكيد، وأن هذا الانفتاح ليس موجهًا إلى الأكاديميين أمثالي فقط، بل يشمل العديد من الفئات المجتمعية من الزعماء السياسيين حتى الجماعات الدينية المختلفة، وأرى أن مثل هذا الانفتاح على العالم الخارجي بهدف تطوير المفاهيم المتبادلة، يعتبر من أكبر النجاحات التي أحرزها الأستاذ كولن.

كما أنه من الملفت كذلك وجود فئة تستلهم أفكارها منه في تركيا، وموقفها الأخلاقي داخل الكيانات السياسية وارتباطها بها، يهدف للمزج بين التقليدية والحداثة بشكل متوازن، ولقد كان الكفاح من أجل الحصول على مكان في هذا العالم المعولم صعبًا دائمًا، وأعتقد أن تركيا نجحت في ذلك بقيادة الأستاذ جولن وأصبحت تمثل نموذجًا متميزًا في هذا المضمار.

أؤمن أنه من الضروري مواصلة الانفتاح المتبادل على بعضنا البعض والاستماع إلى أفكارنا المتعددة ومتابعة العلاقات الثقافية فيما بيننا على مدار جيل، أو حتى ثلاثة أجيال، من أجل تحسين العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين.

الخدمة هي جيش من القوى الجيدة

(ألين مالير – عالم دين يهودي إصلاحي)

نعيش اليوم في عالم يؤثر كل فرد في الآخر ويتأثر به، وفي رأيي أن حركة الخدمة تمثل بشكل ممتاز أفضل خصائص الدين الإسلامي، مثل الوعي بالمسؤولية تجاه العالم ومراعاة مفهوم التعددية المنصوص عليه في القرآن الكريم الذي يعلمنا ضرورة احترامنا لجميع الأنبياء وأهل الكتاب.

إن الإسلام الحقيقي دين يؤيد التعددية، ويعرف جميع اليهود جيدًا أن اليهود الذين عاشوا في ظل الحكم الإسلامي عاشوا حياة أفضل من أولئك الذين عاشوا تحت الحكم النصراني، أرى في حركة” الخدمة” جيشًا من القوى الجيدة، ولا مفرّ من وجود قوى أخرى ضيقة الأفق، غير أن وجود القوى الجيدة يحمل أهمية كبيرة من ناحية السيطرة على كل ما هو سيئ والحيلولة دون سوء استخدام اسم الله كنتيجة لسياسة عامة سيئة.

وأعتقد أن الكيانات التي تساهم في التعريف بالإسلام الحقيقي بهذه الطريقة كحركة” الخدمة” ستساهم كذلك في تحقيق السلام العالمي في المستقبل، ولا أقصد من عبارة السلام عدم وجود حرب أو صراعات، فما أقصده أعم وأشمل من ذلك، فعلي سبيل المثال، كما هو الحال في كلمة السلام، وكما هو الحال في كلمة “شالوم” بالعبرية، فالسلام هو حالة شاملة من الطمأنينة والانسجام.

الأستاذ كولن يخاطب العالم انطلاقاً من الجوّ القرآني

(بروفيسور د. محمد كمال إمام – جامعة الإسكندرية – مصر)

أعتقد أن المساعي المحققة بفضل مشروع الأستاذ جولن تعتبر بذوراً تنثر في الأرض، وبالأخص فإن البذور المنثورة في المجال التعليمي أصبحت وسيلة لإنبات أجيال من الشباب النموذجي، ومن ناحية أخرى فإن الطريقة التي تتبعها حركة” الخدمة” تتقدم في خطّ معتدل بعيد عن العنف، وهذه الطريقة تهدف تأسيس مجتمع مثالي يتخذ من الأسس الإسلامية وقيمه المعنوية نبراساً له، ويمكننا فقط إيصال هذه الأسس إلى الناس من خلال التعليم، وعبر إيجاد حلول للمشكلات.

لقد نجح الأستاذ جولن في تحقيق هذه الغاية، ووجد أناسًا متطوعين في سبيل هذه القضية، وركّز على الأشخاص المتطوعين والمخلصين، وكان هذا مهمًا للغاية للوصول إلى ما سعى من أجله.

إن الأستاذ جولن يفتح باباً انطلاقا من أجواء القرآن الكريم أمام العالم الذي نعيش فيه، وهو يخاطب روح الإنسان وفؤاده، بينما يتخذ طريقة الحركة النبوية أساسًا له.
Blogger Wordpress Gadgets