مارس 04، 2014

هل دعا الأستاذ فتح الله كولن على أحد؟

لقد تعرض الأستاذ فتح الله كولن منذ نعومة أظفاره لشتى أنواع الضغوط والتنكيل، الأمر الذي لم يَسلم منه شخص تصدى لأن يعيش دينه أو يتعلمه أو يعيشه أو ينشره في محيطه…وعلى الرغم من أن الأستاذ تربي وترعرع في مثل هذا الجو الحالك إلا أنه كان يعرف أن كل هذه الأحوال عابرة وعارضة على أبناء هذا البلد الذين هم أحفاد الشهداء مما كان يجعله يقول تأسيا بالرسول (ص): اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.


ويردد مقولة الأستاذ النورسي الشهيرة: نحن فدائيو المحبة، وليس لنا وقت نضيعه في خصومة الآخرين.

وقد صدَّق فعله قولَه، ودأب على هذا المبدإ في كل مراحل حياته الدعوية، فبدأ يفتح قنوات عديدة مع أبناء المجتمع التركي، وينفتح على شتى شرائح المجتمع، حتى مع ألد الخصوم

وإذا كان هذا موقف الأستاذ مع المخالفين فهل يعقل أن يقف من المسلمين المتدينين موقف الخصم اللدود ويدعو عليهم شخصيا بدعوات تقشعر لها الجلود.

وليس هذا أول مرة يتعرض فيها الأستاذ لادعاءات ما أنزل الله بها من سلطان والتي هي بعيدة عن الأستاذ والأستاذ بعيد عنها.

ومن الطبيعي أن يكون المشهد ضبابيا في مثل هذه الأجواء الثائرة التي تثور فيها زوبعة إعلامية يتسابق فيها المفسدون في حمل الحطب إلى هذه النار وإضرامها حتى يكون بأس المسلمين بينهم. ولا مفر أنه سيكون الناظر إلى هذا المنظر في حيرة من أمره خصوصا إذا لم تتوفر لديه الآليات الكافية للاطلاع على خلفيات الأحداث وملابساتها.

وللأسف ظهر في الآونة الأخيرة من انجرفوا وراء السيل الإعلامي العارم، وأخذوا يرددون ما يبثه من لا يحب الخير للطرفين من أن الأستاذ دعا على أردوغان وحزبه، مستشهدين بمقطع فيديو يشرح فيه الأستاذ موقفه مما يُسنَد إليه من أن الذين فضحوا الحكومة في قضية الفساد التي ضلع فيها مجموعة من المقربين منها من أبناء الوزراء وكبار رجال الأعمال هم مجموعة من رجال الأمن والقضاء المقربين إليه وبالأحرى “المنتمين إلى جماعته” على حد تعبيرهم، وأن هؤلاء اندسوا في سلك الدولة وأخذوا يكيلون المؤامرات ويلفقون الأدلة لإضعاف الحكومة والإطاحة به في نهاية المطاف..

والواقع هو أن الأستاذ في هذا المقطع يدعو ويبتهل إلى الله بادئا بنفسه وبمن يُنسبون إليه أن يدمر الله بيوتهم إن كانوا فعلا كما يدعي هؤلاء، وأن العكس صحيح بالنسبة لمن يفترون على الأستاذ ويحاولون إلصاق هذه التهم به وبمن يحبونه للتستر على أعمال الفساد التي فضحها القضاء ولمحاولة توجيه الرأي العام إلى أمور أخرى.

ولكن بعض المغرضين اقتطعوا منه ما يستشهدون به على ما يدّعون، مما يخدم تشويه الصورة لدى من لم يتح له الاطلاع على الصورة بكاملها..

وهذا هو نص ما يقوله الأستاذ في حديثه:

المهم هو التصفي، وينبغي أن يتحقق ذلك مرتبطا بأن يقول الشخص: كنت نقيا، وأحاول التصفي، وسأظل بإذن الله صافيا نقيا.. ولا بد لذلك من إستراتيجيات مختلفة، وبأداء وأطوار أكثر إنسانية، وبمعاملة بالغة الشفقة.

وإذا كان التسلي باستهداف الآخرين، وتشويهِ سمعتهم في أنظار الناس من خلال الاستعانة بأقلام ظلامية، يعني شيئا في الحياة الدنيا، فإن ذلك لا يغني شيئا في الآخرة..

فإن المطلع على المساوئ هو الله، والذي يعرف اللصوص هو الله، والذي سيكشف السرقة هو الله، والذي يعلم الرشوة هو الله.. ومن حيث إن الله سيحاسب في الآخرة حتى على حبة من شعير فالذي سيحاسب الكل هو الله!!

وفي هذا السياق تتبادر إلى لساني مقولة تدور في ذهني.. مقولة لم يسبق لي أن قلتها حتى الآن:

إذا كان هناك بعض الإخوة يقومون -حسب ما يسنده إليهم الآخرون- ببعض التصرفات من خلال ما أتيحت لهم من الإمكانيات..

يتبادر إلى ذهني أن أقول: -وكأني لا أتمالك من أن أقول ذلك.. وهذا أمر لم يسبق لي أن تفوهت به يوما ما..

وإلا فكما هو لدى الدكتور إقبال والأستاذ المقتدى (النورسي) إن التأمين على الدعاء على الأخرين ولعنهم ليس من ديدننا وقواعدنا العامة..

ولست أدري مَن هؤلاء الإخوة؟ ولا أعرف واحدا بالألف منهم. لكن إذا كان هؤلاء الذين يحاربون بعض السلبيات بمقتضى القانون والنظام والإسلام والديمقراطية، وبهدف التنقي والتطهر والتنظيف، وبغرض الحيلولة دون تأجيلها إلى يوم القيامة.. وإذا كانوا أثناء أدائهم لهذه المهمة يقومون بما يناقض روح الإسلام، ويعارض الأسس القرآنية والسنة الصحيحة والفقه الإسلامي والقوانين المعاصرة ويعارض الأعراف الديمقراطية الحديثة.. فإني أفترض نفسي واحدا منهم وأُدرجُ نفسي فيما بينهم وأقول: أسأل الله تعالى أن يخسف بنا وبهم، ويحرق منازلهم ويهدم بيوتهم على رؤسهم.

ولكن إن لم تكن حقيقة الأمر كما يدعيه الآخرون، بل كان هناك من يتغاضون عن السارق وفي الوقت نفسه يهجمون على من يحاول القبض على السارق.. ولا يبصرون الجريمة ولكنهم يحاولون تشويه الآخرين من خلال إلقاء الجريمة عليهم.. فإني أسأل الله تعالى أن يحرق بيوتهم ويهدم منازلهم ويفرق جمعهم ويكبت مشاعرهم في صدورهم ويَحُول بينهم وبين أهدافهم ولا يمكِّنهم من أن يصبحوا شيئا مذكورا..

وقد قلت آنفا: إنني لم يسبق لي أن قلتُ مثل هذا القول.. ولكني لم أتمالك من ذلك. وإن الذي جعلني لا أتمالك من ذلك وأقول قولا لم يسبق لي أن قلته إلى الآن؛ هو أن هناك من كشّر عن الأنياب وأسال اللعابَ واستفز الناسَ، وتجولتْ عن طريق التويتر أفكار ملعونة بكل راحة.

إن الله مطلع على كل شيء.. إنه لم يكن لي –وأنا الفقير- مال مرصود، ومنذ ستين عاما أتيحت لي أيضا بعض الفرص المادية.. ولقد دعوت الله دائما أن لا يخلّص أشقائي من أن يكونوا عمالا لدى الناس وفي مصانع الناس.. وأن لا يخجلني بهم لدى الناس.. وفعلا اشتغلَ أشقائي عمالا وتقاعدوا وهم عمال، ولم يمتلكوا شيئا من المال، وأكثرهم يسكنون في بيوت مستأجَرة..

ولقد قضيت الليالي على مدى ثلاث سنوات في نافذة المسجد حتى لا أمس متاع الدنيا.. وقضيت ست سنوات من عمري في كوخ خشبي من دون فراش حتى لا أميل إلى مال الدنيا ومتاعها.. والله على ذلك شهيد.. ولكن إذا كان هناك من يسرقون المال الحرام بشتى الوسائل ويمدون أيديهم إلى أموال الشعب، وفي الوقت نفسه يتظاهرون بالتدين، فإن حقيقة الأمر ستتجلى في الآخرة..

لقد كسروا قلوبا كثيرة..

وإنني لم أستثن أنفسنا من دعائي السابق.

فمن كان منا ظالما لغيره فسيلقى جزاءه حتما.

المصدر: أجير أشيوك، موقع الملف التركي، 28 ديسمبر 2013
Blogger Wordpress Gadgets