فبراير 10، 2014

أعظم ثلاثة أعداء : الجهل والفقر و الانشقاق

جميل جنش

على حسب تصريحات فتح الله كولن، فأن أكبر ثلاثة أعداء للمجتمع هو الجهل ، والفقر، و الانقسام الداخلي ( الانفصالية ). و يشجع كولن على استخدام بعض الحلول العملية للتغلب عليها.

حل كولن لمشكلة الجهل

الجهل هو المشكلة الأكثر خطورة ، و لكن يمكن التغلب عليها من خلال التعليم، و االذي يعتبر دائما أهم وسيلة لخدمة الآخرين . وقد شجع فتح الله كولن الناس على خدمة الإنسانية عن طريق التعليم والأنشطة الثقافية والدينية و ذلك من خلال مشاريع و جهود رسمية ومؤسسية . و من وجهة نظر فتح الله كولن، فإن التعليم هو الوسيلة الأكثر فعالية للتغيير - بغض النظر إذا كان ذلك في تركيا أو في الخارج، و بغض النظر إذا كان أو لم يكن للناس نظام عمل ناجح أو فاشل - حيث ان الحل لكل المشاكل في حياة الإنسان يعتمد في النهاية على مبادرة و قدرة الشخص نفسه. و خلال طيلة حياته ،اكد كولن على أن التعلم هو واجب على جميع الناس و " ان عن طريق انجازة و تحقيقه فإننا نصل الى الرتبة الإنسانية الحقيقية و نصبح عنصر مفيد في المجتمع" . ولم يعالج كولن مشكله تعليم الأطفال فقط في كتاباته ولكن التعليم بشكل عام لجميع افراد المجتمع. و يرى المشاركون في الحركة أنفسهم كطلبة علم و يحاولون اكتساب العلم و المعرفة كل وقت و الفكرة المهيمنة على ا لحركة هو النضال من أجل تحسين الذات. و يستمد كولن فلسفتة التعليمية من إيمانه ، و بالنسبة لكولن فإن المعرفة العلمية والدينية هما جزئين أساسيين ومكملين لبعض . و يؤيد المشاركون في حركة كولن هذا التوليفة من المعرفة العقلية والدينية. و بالتالي ، فإن مدارس فتح الله كولن تهتم و تقدرالرياضيات و العلوم. و معظم هذه المدارس لديها معامل حاسب الي ومختبرات علوم عالية المستوى . [ 1 ]

الدعم للأنشطة التعليمية في حركة كولن مستمدة من القيم المشتركة بين المدارس و المجتمعات التي تخدمها و معززة من خلال الفوائد التي تعود على الطلاب وأسرهم و ذلك عن طريق تحسين العلاقات الاجتماعية والمعايير الأكاديمية العالية . ومن وجهة نظر النظرية التنظيمية، القيم المشتركة تجيز القادة المحليين الرسميين والغير الرسميين في أعين المجتمعات الذين تجمعوا حول منظمة بحيث يتم استخدام موارد الطاقة المعيارية للتأثير على الذين يخضعون لها لأنها مشروعة و يستدعي الالتزام الأخلاقي ..

و للتغلب على الجهل من خلال التعليم، اسس كولن وأتباعه العديد من الكليات و المؤسسات التعليمية في أوروبا و آسيا الوسطى و أفريقيا و الشرق الأقصى .و هذه المدارس تخدم جميع الناس، بغض النظر عن الأعراق والألوان و الأديان. و في هذه الكليات، يتم تدريس الطلاب من مختلف الثقافات القيم والأخلاق العالمية الموحدة بالإضافة الى العلوم الحديثة.

حل كولن لمسألة الفقر

على حسب تفكير كولن فإنه يمكن التخفيف من الفقر من خلال العمل واستخدام رأس المال لخدمة الآخرين . و يشجع فتح الله كولن الناس على التصدي لهذه المشكلة بشكل أوسع و ذلك عن طريق تشجيعهم لانشاء منظمات مث " توسكون" و "كيمسا يوك مو" .

تحارب حركة كولن الفقر عن طريق منظمة "كيمسا يوك مو" و الذي تعتبر القناة الرئيسية للمساعدات والإغاثة في حركة كولن . و يعتبر مبدأ العمل التطوعي هي القاعدة الاساسية لنظام العمل في منظمة "كيمسا يوك مو" . و تتم كل انواع الانشطة بالاضافة الى توزيع مختلف المساعدات الوطنية والدولية من قبل المتطوعين في منظمة "كيمسا يوك مو" . و يتحمل المتطوعون مسؤولية جميع الأنشطة التي تم توقيعها من قبل الجمعية، بدءا من التخطيط حتى التنفيذ [ 2 ] . على الرغم من ان جمعية "كيمسا يوك مو" بدأت من خلال السعي لمعالجة مسألة الفقر في تركيا ،الا انها جهودها توسعت لتشمل المساعدات الدولية ايضا. بعد الزلزال التي حصل في المحيط الهندي في السادس و العشرين من ديسمبر من عام ٢٠٠٦ و التي دمرت أجزاء من إندونيسيا وسريلانكا والهند و تايلاند وأنتجت قتلى يزيد عددهم عن ١٢٨،٠٠٠ شخص في اندونيسيا وحدها ، كانت منظمة "كيمسا يوك مو" واحدة من المنظمات الدولية التي قدمت الإغاثة في حالات الطوارئ وشاركت في جهود إعادة الإعمار في المنطقة. قامت منظمة "كيمسا يوك مو" بتنظيم حملة لجمع الأموال لصالح المناطق المتضررة وقامت بتوزيع الملابس والغذاء و الدواء لاللاجئين في المخيمات، و وفرت المواد الكيميائية لتنقية مياه الشرب. كما قامت المنظمة بالتمويل لإصلاح المنازل واعادة بناء المدارس التي دمرتها تسونامي [ 3 ] . كما ساعدت منظمة "كيمسا يوك مو" الأسر المحتاجة و قدمت الملابس والطعام و الدواء في الفلبين وباكستان وإثيوبيا ومنغوليا و السودان وكينيا.

بحلول عام ٢٠٠٧ ، وصلت برامج المساعدات التي نظمتها منظمة "كيمسا يوك مو" الى ٣٧ مدينة في تركيا و ٤٢ دولة حول العالم. على الرغم من أن الغالبية العظمى من المساعدات ذهبت الى منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا ، الا ان منظمة "كيمسا يوك مو" قامت ببرامج إغاثة و مساعدات في ستة بلدان أوروبية و بيرو في أمريكا الجنوبية.

بدأت قصة توسكون في التسعينيات من قبل رجال الأعمال الذي كان لديهم وعي تجاه المسؤولية الاجتماعية و كانت لديهم حساسية تجاه مشاكل البلاد، و لذلك شكلوا جمعيات في عدة مدن. وقد تم تأسيس هذه الجمعيات بحيث أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد التركي، وكذلك الشركات الكبيرة تستطيع ان تطور نفسها وتتوسع للأسواق الخارجية في هذا الاقتصاد المتغير و الديناميكي. و استضافت توسكون أول مؤتمر للتجارة الخارجية قبل ثلاث سنوات ، وتركزت على الدول الافريقية . و منذ ذلك الحين عقدت توسكون مؤتمرات مماثلة و استهدفت منطقة شرق اسيا و أوراسيا . و عندما طلب من المنظمة عقد مؤتمرات مماثلة في مناطق أخرى، قررت المنظمة استضافة قمة تجارية عالمية مفتوحة للجميع . استراتيجية تركيا لتطوير العلاقات مع الدول الافريقية يتم قطف ثمارها الآن حيث أن الشركات التركية تعاني من الركود في أوروبا والدول المجاورة لها . و في مؤتمرجسر التجارة العالمية الذي عقد في اسطنبول في تركيا من ٢ يونيو الى ٥ يونيو، اجتمع أكثر من ٣٠٠٠ رجل أعمال تركي مع ٢٣٠٠ من ممثلي الشركات من ١٣٥ بلدا . و قد نتجت عن علاقات تركيا مع أفريقيا إنشاء ١٢ سفارة أفريقية في اسطنبول ، ونموبمقدار ثلاثة أضعاف في بضع سنوات فقط .


حل كولن لمسآلة الانشقاق

واحدة من أخطر أسباب الانفصال اليوم هي - العنصرية العرقية. و بينما بدأت العالم لتصبح قرية صغيرة تدريجيا ، فإنه يتعين على الدول إقامة وحدة وطنية. هذا النوع من الانفصال صعب الفهم . وهو غيرضروري و سلوك خطير .

و على حسب تفكير كولن فإنه يمكن التغلب على الانقسام الداخلي والانفصال من خلال الصبر والتسامح والحوار من أجل الوحدة . بالنسبة لكولن فإن الحوار والتسامح والثقة يعزز كل منهما الآخر : التسامح هو قبول الاختلافات و الفوارق التي تنتج من الحوار من أجل توسيع نطاق التعاون. التسامح مبني على الاحسان و الحب، وبالتالي فهو واجب . [ 4 ]

نهج كولن : رؤية كولن و نهجة لكيفية ممارسة التسامح هو ان التسامح يجب ان يكون عنصرا من عناصر التفاني الديني للانسان. و يقول كولن أن العلامة الصحيحة للدين هو التواصل بين الله و الإنسانية ، وينبغي أن تعم فائدته على جميع الناس من دون اي عنصرية اوعنف. و يكون كولن في قمة الشاعرية عندما يربط بين الأبعاد الدينية للمحبة مع الالتزامات الأخلاقية للتسامح والحرص على الأخرين. و على حسب تفكير كولن فإنه ليس هناك مفهوم ديني أكبر من المحبة و ليس هناك أي عمل ديني أكبر من المحبة: "المحبة هو العنصر الأكثر أهمية في كل كائن ، و المحبة هو الضوء الأكثر اشعاعا ، وهو أعظم قوة و قادرعلى مقاومة وتغلب كل شيء " و بهذه الطريقة، يعلم كولن الناس الروحانية المفتوحة للتدفق الالهي.

و على حسب مفهوم كولن ، الحوار نتيجة طبيعية للإنسانية . ويعرف كولن الإنسانية على انها مزيج من الحب والإنسانية. و هو يحذر من الفهم الغير المتوازن للإنسانية ، فعلى سبيل المثال قد يسيء شخص ما معنى الجهاد و يرى غير المسلمين كاشخاص عدائيين . و نهج كولن اللإنسانية يتعارض مع نهج الجهاديين المتعصبين، وبالعكس فإن نهج كولن يشجع على محبة الناس جميعا . بالنسبة لكولن ، الإنسانية هي أثمن شئ في الكون وأعظم مرآة لأسماء الله وصفاته .و قد وهب كل شخص القدرة على مرآة الطبيعة الإلهية ، ولديه القدرة على التطور بامتياز. وبالتالي كل البشر متساوون ، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الثروة اوالمكانة الاجتماعية . مفاهيم المساواة والمحبة و الإنسانية هي أساس الإنسانية عند كولن ، و هي بمثابة المبادئ التأسيسية للحركة كولن . [ 5 ]

و يرتبط رؤية كولن للتفاني والتسامح مع الفهم الإسلامي للتعليم باعتباره عنصرا ضروريا للالتزام الديني. و هدف الحوار بين الأديان هو التعليم وإزالة الجهل و نرى ذلك معززا في اعمال كولن. الحوار بين الأديان يساعدنا على معرفة المعتقدات الدينية والهوية الروحية للآخرين ، وفي الوقت نفسه يعلمنا المزيد عن معتقداتنا الدينية وهويتنا الروحية.

" السيد فتح الله كولن هو الممثل الأكثر تأثيرا للمحبة والتسامح والحوار في عالمنا اليوم. و في الغرب ، و على وجه الخصوص في الولايات المتحدة ، فإن اعددا متزايدة من العلماء اكتشفوا ان كولن هو رجل المحبة والتسامح و اعتبوا منهجه في التعليم نموذجا للحوار بين الأديان والثقافات و الحضارات " . [ 5 ]

المراجع

[1] "فلسفة فتح الله كولن لممارسة لللتعليم". روث ودهول
[2] http://www.kimseyokmu.org.tr/
[3] "الإسلام في عصر التحديات العالمية: وجهات نظر بديلة لحركة كولن" دكتور: ثوماس مايكل. مؤتمر جلال الدين الرومي منتدى جامعة جورج تاون، واشنطن العاصمة في 14-15 نوفمبر، 2008. http://www.thomasmichel.us/kimse-yok-mu.html
[4] "الدفاع عن التنوع الديني والتسامح في أمريكا اليوم: الدروس المستفادة من فتح الله كولن"
القس لوي أشتون، دكتوراه، كلية ميلسابس.
[5] "كولن، أهم شخصية التسامح والحوار"، الدكتور هيون كيم .جامعة تمبل،مقابلة، فيلادلفيا زمان اليوم، 25 يوليو2010
Blogger Wordpress Gadgets