قدم الأستاذ "محمد فتح الله كولن" آراءه حول قضايا الساعة في تركيا، بدءاً من تحقيقات الفساد والرشوة وتبييض الأموال، وانتهاءً إلى القضية الكردية، ومن حادثة "ماوي مرمرة" إلى توقعاته المستقبلية، وذلك في مقابلة تلفزيونية أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ونشرتها الإذاعات والقنوات التابعة لها بمختلف اللغات، منها الإنجليزية والعربية والفارسية.
قال الأستاذ كولن فيما يتعلق بقضية الفساد الكبرى التي تمّ الكشف عنها في الـ17 من الشهر الماضي، "لا يشكّ أحد في وجود فضيحة فساد أبداً، بل هذا أمر أجمع عليه الرأي العام في تركيا، لذلك ليس بمقدور أحد تغيير هذه الحقيقة والتستّر عليها."
وتطرّق الأستاذ كولن إلى حركة التصفية والنفي والتشريد الشاملة في صفوف الكوادر القضائية والأمنية والشرطية، وأكّد "أن البعض يسعون لتقديم الجهود الرامية إلى كشف الغطاء عن أعمال الفساد في البلاد وكأنها "جريمة"، لذلك لجأوا إلى التوهم والإيهام بوجود "دولة موازية" داخل الدولة بسبب استيائهم من عمليات الفساد الجارية، مع غضّ البصر عن جميع ممارسات الفساد والرشاوى والانتهاكات القانونية في العطاءات الرسمية ومحاولة التستّر عليها وتقديم كل ذلك للرأي العام وكأنه أمر اعتيادي."
وتعرّض الأستاذ كولن أيضاً للمزاعم الواردة حول صلتهم بالقوات الأمنية والنواب العامين الذين كانوا يشرفون على ملفات الفساد قبل أخذها منهم وتوكيلها إلى نواب عامين جدد، إذ لفت إلى أنه "لا بد أن يكون بينهم من يتبنون أفكاراً واتجاهات سياسية مختلفة، بدءاً من القوميين ومؤيّدي حزب الحركة القومية، وانتهاء بالقوميين المتشدّدين، وسوف يتبين ذلك في الأيام القابلة، وسيندم البعض حينها على بهتانهم وافتراءاتهم بلا ريب. ولكنهم يتعمدون إلصاق مثل هذه التهم بالأمنيين والنواب العامين في مسعىً منهم إلى تضخيم الأمر أكثر من حجمه والإيهام بأنهم (أفراد الخدمة) قد تغلغلوا وانتشروا في كافة مفاصل الدولة لخلق حالة من الخوف والفزع لدى الناس."
وأضاف الأستاذ كولن: "أظنّ أن هناك دائرة ضيقة محيطة برئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، كما كان هناك حاشيات حول السلاطين القدماء، تقدم هذه الدائرة إليه كل الأحداث التي تجري في البلاد بشكل مختلف ومخالف للحقيقة والواقع، وتوقعه في مواقع ينزعج منها الجميع". وكان وزير الداخلية الأسبق "إدريس نعيم شاهين" قد تحدّث عن مثل هذه الدائرة الضيقة المحيطة بأردوغان قبل استقالته من حزبه "العدالة والتنمية".
وذكّر الأستاذ كولن بأن من يخالفونهم اليوم في الفكر والعمل والسلوك، ويختلقون كل هذه الافتراءات خالفوهم أيضاً قبل عشرين عاماً عندما صرّح بأن الديمقراطية وتيرة لا رجعة عنها، وفصل قائلاً: "لما قلت ذلك أقام المخالفون لنا الدنيا ولا أقعدوها، متسائلين ما العلاقة بين الإسلام والديمقراطية؟! بل قالوا أكثر من ذلك لا داعي لذكره."
تطرق الأستاذ كولن بعد ذلك إلى الاتهامات الواردة بخصوص التصريحات التي أدلى بها حول حادثة "ماوي مرمرة" وشدّد على أن موقفهم المبدئي في مثل هذه الأحداث ثابت ولم يتغيّر، ثم شرح الموضوع بقوله "لا ليت كانت كافة الطرق الدبلوماسية قد استخدمت لتحقيق الهدف المبتغى، ويا ليت لم تُستخدم القوةُ الغاشمة لعرقلته.. لأن هذه الطريقة تؤدي إلى ظهور معضلات جديدة، ومشاكل اجتماعية، وتعقّد الأمور أكثر من السابق. وعلى الرغم من أن الحقيقة كما صوّرتها، ولكن بعض وسائل الإعلام قدمت تلك التصريحات وكأني أقف إلى جانب إسرائيل وأفضّلها على الشعب التركي خلافاً للحقيقة."
أما بخصوص المزاعم الواردة حول معارضتهم لعملية مفاوضات السلام التي تجريها السلطات التركية مع زعيم حزب العمال الكردستاني "عبد الله أوجلان"، فأشار الأستاذ كولن إلى أنه قال "الصلح خير" عندما بدأت المفاوضات، وبيّن في الوقت ذاته ضرورة الحفاظ على سمعة الدولة التركية، لافتاً إلى أنهم يرغبون العيش في أمن وسلام وجنباً إلى جنب مع كافة الشعوب الموجودة في تركيا، بغضّ النظر عن أعراقهم وألوانهم ولغاتهم أفكارهم، وأنهم يعملون منذ القديم على ترجمة هذا الحلم والغاية المنشودة إلى أرض الواقع عن طريق المؤسسات التعليمية التي فتحوها خاصة في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد، إلى جانب قناة تلفزيونية ناطقة باللغة الكردية.
ثم عاد الأستاذ كولن ونبّه إلى أن من يخالف تحقيق عملية السلام في تركيا هم من كانوا في الجبال من عناصر حزب العمال الكردستاني، ومن ينقادون وراء كل من إيران وسوريا ويتحركون وفق أهدافهما، حيث قال: "هم من ينزعجون من استتباب الأمن والسلام في ربوع تركيا… فمثلاً جميل بايك (المرتبط بإيران) مستاء من عملية السلام، وكذلك فهمان حسين (المرتبط بسوريا) منزعج منها، وكذلك لا بد أن العناصر التابعة لمنظمة بيجاك؛ امتداد العمال الكردستاني في إيران تتضايق من هذه العملية كذلك.
وقال الأستاذ كولن إن عناصر ومناصري العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان يستاؤون من جهود حركة الخدمة التي دعمت أن تكون اللغة الكردية مادة اختايارية لتُدرَس في المدارس والجامعات، ولكنهم، إلى جانب بعض الأوساط الأخرى، عمدوا إلى ترك انطباع في الأذهان وكأن الخدمة تخالف عملية السلام من جانب، ومن جانب آخر اعتبروا كل جهودها ونشاطاتها التعليمية من قبيل التصهير/التذويب الثقافي، والدمج القسري، ومحو الهوية.. يفعلون كل ذلك حتى يكون هناك برزخ دائم بين الشعبين التركي والكردي يمنعهما من الالتقاء والتواصل مرة أخرى.
وأعرب الأستاذ كولن عن توقعاته المستقبلية قائلاً: "على الرغم من كل ما حدث من كسر الخواطر والقلوب، وتفشي البهتان والافتراء، وانتشار روح العصيان والثورة في كل مكان، وعلى الرغم من صعوبة تجاوز هذه المرحلة العصيبة بسرعة، فإنني مفعم بالأمل أننا سنتخطى هذه المرحلة أيضاً وستعود كل الأمور بلا شك إلى نصابها."
المصدر: وكالة جهان التركية للأنباء
حوار بي بي سي (BBC) مع الأستاذ فتح الله كولن حول الأوضاع الراهنة في تركيا
قال الأستاذ كولن فيما يتعلق بقضية الفساد الكبرى التي تمّ الكشف عنها في الـ17 من الشهر الماضي، "لا يشكّ أحد في وجود فضيحة فساد أبداً، بل هذا أمر أجمع عليه الرأي العام في تركيا، لذلك ليس بمقدور أحد تغيير هذه الحقيقة والتستّر عليها."
وتطرّق الأستاذ كولن إلى حركة التصفية والنفي والتشريد الشاملة في صفوف الكوادر القضائية والأمنية والشرطية، وأكّد "أن البعض يسعون لتقديم الجهود الرامية إلى كشف الغطاء عن أعمال الفساد في البلاد وكأنها "جريمة"، لذلك لجأوا إلى التوهم والإيهام بوجود "دولة موازية" داخل الدولة بسبب استيائهم من عمليات الفساد الجارية، مع غضّ البصر عن جميع ممارسات الفساد والرشاوى والانتهاكات القانونية في العطاءات الرسمية ومحاولة التستّر عليها وتقديم كل ذلك للرأي العام وكأنه أمر اعتيادي."
وتعرّض الأستاذ كولن أيضاً للمزاعم الواردة حول صلتهم بالقوات الأمنية والنواب العامين الذين كانوا يشرفون على ملفات الفساد قبل أخذها منهم وتوكيلها إلى نواب عامين جدد، إذ لفت إلى أنه "لا بد أن يكون بينهم من يتبنون أفكاراً واتجاهات سياسية مختلفة، بدءاً من القوميين ومؤيّدي حزب الحركة القومية، وانتهاء بالقوميين المتشدّدين، وسوف يتبين ذلك في الأيام القابلة، وسيندم البعض حينها على بهتانهم وافتراءاتهم بلا ريب. ولكنهم يتعمدون إلصاق مثل هذه التهم بالأمنيين والنواب العامين في مسعىً منهم إلى تضخيم الأمر أكثر من حجمه والإيهام بأنهم (أفراد الخدمة) قد تغلغلوا وانتشروا في كافة مفاصل الدولة لخلق حالة من الخوف والفزع لدى الناس."
وأضاف الأستاذ كولن: "أظنّ أن هناك دائرة ضيقة محيطة برئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، كما كان هناك حاشيات حول السلاطين القدماء، تقدم هذه الدائرة إليه كل الأحداث التي تجري في البلاد بشكل مختلف ومخالف للحقيقة والواقع، وتوقعه في مواقع ينزعج منها الجميع". وكان وزير الداخلية الأسبق "إدريس نعيم شاهين" قد تحدّث عن مثل هذه الدائرة الضيقة المحيطة بأردوغان قبل استقالته من حزبه "العدالة والتنمية".
وذكّر الأستاذ كولن بأن من يخالفونهم اليوم في الفكر والعمل والسلوك، ويختلقون كل هذه الافتراءات خالفوهم أيضاً قبل عشرين عاماً عندما صرّح بأن الديمقراطية وتيرة لا رجعة عنها، وفصل قائلاً: "لما قلت ذلك أقام المخالفون لنا الدنيا ولا أقعدوها، متسائلين ما العلاقة بين الإسلام والديمقراطية؟! بل قالوا أكثر من ذلك لا داعي لذكره."
تطرق الأستاذ كولن بعد ذلك إلى الاتهامات الواردة بخصوص التصريحات التي أدلى بها حول حادثة "ماوي مرمرة" وشدّد على أن موقفهم المبدئي في مثل هذه الأحداث ثابت ولم يتغيّر، ثم شرح الموضوع بقوله "لا ليت كانت كافة الطرق الدبلوماسية قد استخدمت لتحقيق الهدف المبتغى، ويا ليت لم تُستخدم القوةُ الغاشمة لعرقلته.. لأن هذه الطريقة تؤدي إلى ظهور معضلات جديدة، ومشاكل اجتماعية، وتعقّد الأمور أكثر من السابق. وعلى الرغم من أن الحقيقة كما صوّرتها، ولكن بعض وسائل الإعلام قدمت تلك التصريحات وكأني أقف إلى جانب إسرائيل وأفضّلها على الشعب التركي خلافاً للحقيقة."
أما بخصوص المزاعم الواردة حول معارضتهم لعملية مفاوضات السلام التي تجريها السلطات التركية مع زعيم حزب العمال الكردستاني "عبد الله أوجلان"، فأشار الأستاذ كولن إلى أنه قال "الصلح خير" عندما بدأت المفاوضات، وبيّن في الوقت ذاته ضرورة الحفاظ على سمعة الدولة التركية، لافتاً إلى أنهم يرغبون العيش في أمن وسلام وجنباً إلى جنب مع كافة الشعوب الموجودة في تركيا، بغضّ النظر عن أعراقهم وألوانهم ولغاتهم أفكارهم، وأنهم يعملون منذ القديم على ترجمة هذا الحلم والغاية المنشودة إلى أرض الواقع عن طريق المؤسسات التعليمية التي فتحوها خاصة في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد، إلى جانب قناة تلفزيونية ناطقة باللغة الكردية.
ثم عاد الأستاذ كولن ونبّه إلى أن من يخالف تحقيق عملية السلام في تركيا هم من كانوا في الجبال من عناصر حزب العمال الكردستاني، ومن ينقادون وراء كل من إيران وسوريا ويتحركون وفق أهدافهما، حيث قال: "هم من ينزعجون من استتباب الأمن والسلام في ربوع تركيا… فمثلاً جميل بايك (المرتبط بإيران) مستاء من عملية السلام، وكذلك فهمان حسين (المرتبط بسوريا) منزعج منها، وكذلك لا بد أن العناصر التابعة لمنظمة بيجاك؛ امتداد العمال الكردستاني في إيران تتضايق من هذه العملية كذلك.
وقال الأستاذ كولن إن عناصر ومناصري العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان يستاؤون من جهود حركة الخدمة التي دعمت أن تكون اللغة الكردية مادة اختايارية لتُدرَس في المدارس والجامعات، ولكنهم، إلى جانب بعض الأوساط الأخرى، عمدوا إلى ترك انطباع في الأذهان وكأن الخدمة تخالف عملية السلام من جانب، ومن جانب آخر اعتبروا كل جهودها ونشاطاتها التعليمية من قبيل التصهير/التذويب الثقافي، والدمج القسري، ومحو الهوية.. يفعلون كل ذلك حتى يكون هناك برزخ دائم بين الشعبين التركي والكردي يمنعهما من الالتقاء والتواصل مرة أخرى.
وأعرب الأستاذ كولن عن توقعاته المستقبلية قائلاً: "على الرغم من كل ما حدث من كسر الخواطر والقلوب، وتفشي البهتان والافتراء، وانتشار روح العصيان والثورة في كل مكان، وعلى الرغم من صعوبة تجاوز هذه المرحلة العصيبة بسرعة، فإنني مفعم بالأمل أننا سنتخطى هذه المرحلة أيضاً وستعود كل الأمور بلا شك إلى نصابها."
المصدر: وكالة جهان التركية للأنباء
حوار بي بي سي (BBC) مع الأستاذ فتح الله كولن حول الأوضاع الراهنة في تركيا