وصف العلامة الأستاذ محمد فتح الله كولن موقف أفراد حركة” الخدمة” من الأحداث الأخيرة في تركيا بالمبدئي والنبيل، الذي ليس به ما يبعث على الشعور بالخجل او الاستحياء أبداً، قائلا: ” أن تمضي إلى الدار الآخرة مظلوماً أفضل من المضي إليها ظالماً بصورة مطلقة”.
جاء ذلك في درس جديد ألقاه الأستاذ كولن على طلبته وزائريه، ونشره موقع “Herkul.org” تحت عنوان: “لم تفعلوا شيئًا يخجلكم؛ اثبتوا على موقفكم مرفوعي الرأس، وامضوا إلى الآخرة دائنين لا مدينين!”.
وفيما يلي نورد مقتطفات مما ورد في درس العلامة كولن:
أحواض للتنقية والتطهير
إن توبتنا وأوبتنا وإنابتنا في الحياة المعنوية تنقينا وتطهرنا، إن كانت نابعة من صميم قلوبنا. وعلينا أن نسعى للعيش بجدية كاملة، أو حتى بشكل جنوني، حتى لا يتكرّر تلوّث أجسادنا بمختلف أنواع الرذائل.
علينا تجنّب السقوط في براثن الأوهام والوساوس، وفي الوقت ذاته، أن نكون عاشقين للنقاء والطهر ومولعين به، وينبغي أن نكون حساسين بشكل استثنائي حتى إزاء ما يدور بمخيلتنا، ومن ثم أن نهرع فورًا إلى حوض للتطهير، فالصلوات الخمس بهذا المعنى هي حوض للتنقية والتطهير، وكذلك التوبة والاستغفار والأوبة والإنابة، كلها أحواض للتنقية والتطهير. وحتى أن الصدقات التي تخرجونها بكثرة هي أيضًا حوض للتنقية، هذا إضافة إلى أن الجهود التي تبذلونها في سبيل إعلاء كلمة الدين المبين، الإسلام، ونشر اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أرجاء الكون كله، أحواض مطهِّرة، ولا تترددوا في ذلك. فمن يستخدم جميع أحواض التنقية هذه يكون إنسانًا طاهرًا نقيًا إن شاء الله تعالى.
نعم، يجب أن يكون لدى الإنسان حساسية استثنائية فيما يتعلق بمسألة الطهر والنقاء. نعم قلت لكم عليكم الالتزام بهذا المبدإ بصورة جنونية، ولكن بإمكانكم أن تحملوا قولي على الإفراط في الجد والكدّ بهذا الصدد. يجب إبداء حساسية مفرطة للغاية والثبات على الموقف في هذا الشأن دون تراجع أو ملل. وإذا ثبتُّم على موقفكم هذا فلا تلقوا بالاً لما يقوله الآخرون.
أُفق سيدنا عمر وإحقاق سيدنا خالد للحق
أنّب سيدنا عمر بن الخطاب سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنهما لتركه قيادة الجيش وذهابه إلى الكعبة للحج، فقال له: “وجودك على رأس الجيش أهم من ذهابك إلى الكعبة”. ولقد فطن السلاطين العثمانيون، الذي تخطى عددهم ثلاثين سلطانًا، إلى هذه الأهمية، ولم يذهب أحدهم إلى الحج أبدًا. ألم يكن الحج فرضًا عليهم؟ كان كذلك! لكن إذا كان هناك فرضًا أكبر من ذلك، وإذا كانت المسألة تتعلق بوحدة الأمة، وإذا كانت الأمم الأخرى تتحين الفرص للانقضاض على الأمة؛ فإن تحديد الموقف المطلوب من هذه الأمم وقيادة المجتمع الإسلامي أهم من فريضة الحج بكثير في هذه الحالة.
كان سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه قائدًا عالميًا محنكًا. وشاء الله أن تنحني إمبراطوريتان عظيمتان (مثل الفرس والروم) أمام سيفه. وكان الجنود المسلمون قد ارتبطوا وتعلقت قلوبهم بخالد لدرجة أنهم لم يكونوا يتحركون إلى أي مكان إذا لم يكن هو قائدهم. وعلى الرغم من ذلك، بادر الخليفة عمر بن الخطاب إلى عزله من قيادة الجيش في معركة اليرموك التي كانت تعتبر بمثابة معركة حياة أو موت بالنسبة للمسلمين. وقد عمد الصحابي محمد بن مسلمة، الذي صدرت له التعليمات بتبليغ خالد بهذا الأمر، إلى ربط العمامة التي كان يرتديها خالد في رقبته، وجاء به على هذه الهيئة إلى الخليفة عمر الذي قال له: “يا خالد! يشهد الله أني أحبك كثيرًا، لكن المسلمين بدأوا يرون الانتصارات التي يحققها الجيش في شخصك. بيد أن الله هو الذي أنعم علينا بهذه الانتصارات. ولا أريد أن يقع الناس في الشرك. ولهذا السبب قررت عزلك من قيادة الجيش”.
بدلاً عن رئاسة أو قيادة البلاد وتقديم خدمات للمجتمع في موضع القيادة، يجب علينا أن نركِّز على إحراز موقع مرموق عند الله والوصول إلى هذه المعية الإلهية.
جباهكم ناصعة ناضرة وقلوبكم طاهرة نقية فاثبتوا مرفوعي الهامة
في الوقت الذي تنجزون فيه المهام التي تقع على عاتقكم في إطار خدمتكم، ستجدون بعض الأشخاص الفاشلين أثناء القيام بهذه الخدمة يتساقطون في الطريق بسببكم، من ناحية، ومن ناحية أخرى، سيحسدكم آخرون لأنهم لم يستطيعوا القيام بهذه الخدمة على غرار خدمتكم مهما حاولوا، وسيقولون: “يا ليت هؤلاء لم يكونوا وكنا نحن مكانهم!”. نعم لم يقل هؤلاء لكم أي شيء إلى أجل مسمى بهدف الحصول على دعمكم لحاجتهم لضمّ قوتكم إلى قوتهم. لكن الأمر وصل إلى مرحلة انبعث فيها الحسد من قبره، بحيث لم يتركوا شيئًا سلبياً إلا قالوه عنكم.
بالرغم من كل ذلك، فإنهم لم يصفوكم بـ”اللصوص” أبداً إلى يومنا هذا، أليس كذلك؟ ذلك أن جباهكم جميعًا نظيفة، ووجوهكم مبيضّة وناضرة! ولله لحمد! لم يقولوا عنا “لصوص”، لم يقولوا عنا “ارتكَبوا فعلًا مشينًا”، الحمد لله! لم يقولوا عنا “اختلسوا”، لم يقولوا عنا “مارسوا الفساد في مناقصة”، لم يقولوا عنا “حابوا أقاربهم”، لم يقولوا عنا “سيطروا على الدولة من خلال شرذمة قليلة مراهقة”. ماذا قالوا؟ قالوا أشياء هزلية أضحكت الناس.
قالوا أشياء لم يقل عُشرها مَنْ عاشرتموهم في أكثر من 160 دولة منذ ما يربو على 20 عامًا. لكن سأقول لكم شيئًا مقسماً بالله:” إن بعض السفهاء من الذين لم يعاشروكم 20 عامًا، ولا 20 شهرًا، ولا 20 أسبوعًا، ولا حتى 20 ساعة، بل لم يجلسوا معكم لمدة من الوقت ولم يتنفَّسوا الجو الذي تتنفسونه، نراهم يصفونكم بأوصاف مثل “الحشاشين” و”العصابة”، وينظرون إليكم وكأنكم تطمحون إلى شيء أو تطلبونه، هذا في حين أن هؤلاء الأشخاص لا يعرفون قيامكم في الليل وإحياءكم له، وعلاقتكم بالمولى عز وجل، وعلاقتكم بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يعرفون أنكم تعتبرون إهمال قيام الليل وتضييع صلاة التهجُّد ذنبًا عظيمًا، وأنكم تعتبرن اليوم الذي يمر بدون توبة أنه مر دون فائدة تعود عليكم. فهذه الادعاءات المضحكة التي يطلقها هؤلاء السفهاء تتسبب في إضحاك الناس في أكثر 160 بلدًا حول العالم.
سيروا على نحو مستقيم في الطريق الذي وهبكم الله إياه!
إذن أنتم لم تسيؤوا بسمعتكم ولم تلصقوا حتى الغبار باعتباركم، بإذن الله وحوله ومدده، ولم تقولوا: “إن أموال الدولة بحر كبير، ومن لا يأكل من هذا البحر…”؛ ففي رأيي أنكم لم ترتكبوا أي عيب أو أمر مشين! فلا تخجلوا! اثبتوا دائمًا بإذن الله وعونه… وسيروا في هذا الطريق المستقيم الذي وهبكم الله إياه. سيروا فيه لأنه طريق الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم الذي سار فيه.
نعم، إذا لم يكن بين أعمالكم ما يخجلكم أمام الله جل جلاله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإنني أدعوكم للثبات على منهجكم وموقفكم. فليشاهد الناس أوضاعهم المضحكة، أما أنتم فليس هناك ما يخجلكم أو يعيبكم بإذن الله وحوله.
إن الأشخاص الذين من المفترض أن يضحك الناسُ على أحوالهم، يجدون سلوانهم في أن يَضحكوا على أحوال الآخرين. ويحاولون التستر على عيوبهم عن طريق اتهام الآخرين. ويظنون أنهم يستطيعون أن يلهوا الشعب عما ارتكبو من سرقات واختلاسات وما إلى ذلك من الأفعال المشينة التي لا يمكن محوها من ذاكرة الضمير العام، وذلك من خلال إثارة قضايا وأجندات استثنائية بقصد الإلهاء، بيد أنهم غير مدركين أنهم كلما تكلموا ظهرت هذه المساوئ وتجلت في أذهان الشعب مرة ثانية.
وعلى الرغم من كل شيء، يجب عليكم ألا تتخذوا موقفاً سلبياً مِمَّنْ عجزوا عن فعل شيء ولو قدرا يسيراً مما أنجزتم من الأعمال الجبارة، وألا تقابلوهم حتى بالمثل.
ينبغي لكم أن تكونوا دائنين دائمًا، لكن لا يجب عليكم أن تطالبوا بما أنتم دائنون به. وعليكم أن تجعلوا هذه المروءة إحدى خصالكم حتى تذهبوا إلى الآخرة وأنتم كذلك دائنون، وأن تظهروا مروءتكم مرة أخرى هناك في الآخرة من خلال عدم المطالبة بحقوقكم ممن ظلموكم.
جاء ذلك في درس جديد ألقاه الأستاذ كولن على طلبته وزائريه، ونشره موقع “Herkul.org” تحت عنوان: “لم تفعلوا شيئًا يخجلكم؛ اثبتوا على موقفكم مرفوعي الرأس، وامضوا إلى الآخرة دائنين لا مدينين!”.
وفيما يلي نورد مقتطفات مما ورد في درس العلامة كولن:
أحواض للتنقية والتطهير
إن توبتنا وأوبتنا وإنابتنا في الحياة المعنوية تنقينا وتطهرنا، إن كانت نابعة من صميم قلوبنا. وعلينا أن نسعى للعيش بجدية كاملة، أو حتى بشكل جنوني، حتى لا يتكرّر تلوّث أجسادنا بمختلف أنواع الرذائل.
علينا تجنّب السقوط في براثن الأوهام والوساوس، وفي الوقت ذاته، أن نكون عاشقين للنقاء والطهر ومولعين به، وينبغي أن نكون حساسين بشكل استثنائي حتى إزاء ما يدور بمخيلتنا، ومن ثم أن نهرع فورًا إلى حوض للتطهير، فالصلوات الخمس بهذا المعنى هي حوض للتنقية والتطهير، وكذلك التوبة والاستغفار والأوبة والإنابة، كلها أحواض للتنقية والتطهير. وحتى أن الصدقات التي تخرجونها بكثرة هي أيضًا حوض للتنقية، هذا إضافة إلى أن الجهود التي تبذلونها في سبيل إعلاء كلمة الدين المبين، الإسلام، ونشر اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أرجاء الكون كله، أحواض مطهِّرة، ولا تترددوا في ذلك. فمن يستخدم جميع أحواض التنقية هذه يكون إنسانًا طاهرًا نقيًا إن شاء الله تعالى.
نعم، يجب أن يكون لدى الإنسان حساسية استثنائية فيما يتعلق بمسألة الطهر والنقاء. نعم قلت لكم عليكم الالتزام بهذا المبدإ بصورة جنونية، ولكن بإمكانكم أن تحملوا قولي على الإفراط في الجد والكدّ بهذا الصدد. يجب إبداء حساسية مفرطة للغاية والثبات على الموقف في هذا الشأن دون تراجع أو ملل. وإذا ثبتُّم على موقفكم هذا فلا تلقوا بالاً لما يقوله الآخرون.
أُفق سيدنا عمر وإحقاق سيدنا خالد للحق
أنّب سيدنا عمر بن الخطاب سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنهما لتركه قيادة الجيش وذهابه إلى الكعبة للحج، فقال له: “وجودك على رأس الجيش أهم من ذهابك إلى الكعبة”. ولقد فطن السلاطين العثمانيون، الذي تخطى عددهم ثلاثين سلطانًا، إلى هذه الأهمية، ولم يذهب أحدهم إلى الحج أبدًا. ألم يكن الحج فرضًا عليهم؟ كان كذلك! لكن إذا كان هناك فرضًا أكبر من ذلك، وإذا كانت المسألة تتعلق بوحدة الأمة، وإذا كانت الأمم الأخرى تتحين الفرص للانقضاض على الأمة؛ فإن تحديد الموقف المطلوب من هذه الأمم وقيادة المجتمع الإسلامي أهم من فريضة الحج بكثير في هذه الحالة.
كان سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه قائدًا عالميًا محنكًا. وشاء الله أن تنحني إمبراطوريتان عظيمتان (مثل الفرس والروم) أمام سيفه. وكان الجنود المسلمون قد ارتبطوا وتعلقت قلوبهم بخالد لدرجة أنهم لم يكونوا يتحركون إلى أي مكان إذا لم يكن هو قائدهم. وعلى الرغم من ذلك، بادر الخليفة عمر بن الخطاب إلى عزله من قيادة الجيش في معركة اليرموك التي كانت تعتبر بمثابة معركة حياة أو موت بالنسبة للمسلمين. وقد عمد الصحابي محمد بن مسلمة، الذي صدرت له التعليمات بتبليغ خالد بهذا الأمر، إلى ربط العمامة التي كان يرتديها خالد في رقبته، وجاء به على هذه الهيئة إلى الخليفة عمر الذي قال له: “يا خالد! يشهد الله أني أحبك كثيرًا، لكن المسلمين بدأوا يرون الانتصارات التي يحققها الجيش في شخصك. بيد أن الله هو الذي أنعم علينا بهذه الانتصارات. ولا أريد أن يقع الناس في الشرك. ولهذا السبب قررت عزلك من قيادة الجيش”.
بدلاً عن رئاسة أو قيادة البلاد وتقديم خدمات للمجتمع في موضع القيادة، يجب علينا أن نركِّز على إحراز موقع مرموق عند الله والوصول إلى هذه المعية الإلهية.
جباهكم ناصعة ناضرة وقلوبكم طاهرة نقية فاثبتوا مرفوعي الهامة
في الوقت الذي تنجزون فيه المهام التي تقع على عاتقكم في إطار خدمتكم، ستجدون بعض الأشخاص الفاشلين أثناء القيام بهذه الخدمة يتساقطون في الطريق بسببكم، من ناحية، ومن ناحية أخرى، سيحسدكم آخرون لأنهم لم يستطيعوا القيام بهذه الخدمة على غرار خدمتكم مهما حاولوا، وسيقولون: “يا ليت هؤلاء لم يكونوا وكنا نحن مكانهم!”. نعم لم يقل هؤلاء لكم أي شيء إلى أجل مسمى بهدف الحصول على دعمكم لحاجتهم لضمّ قوتكم إلى قوتهم. لكن الأمر وصل إلى مرحلة انبعث فيها الحسد من قبره، بحيث لم يتركوا شيئًا سلبياً إلا قالوه عنكم.
بالرغم من كل ذلك، فإنهم لم يصفوكم بـ”اللصوص” أبداً إلى يومنا هذا، أليس كذلك؟ ذلك أن جباهكم جميعًا نظيفة، ووجوهكم مبيضّة وناضرة! ولله لحمد! لم يقولوا عنا “لصوص”، لم يقولوا عنا “ارتكَبوا فعلًا مشينًا”، الحمد لله! لم يقولوا عنا “اختلسوا”، لم يقولوا عنا “مارسوا الفساد في مناقصة”، لم يقولوا عنا “حابوا أقاربهم”، لم يقولوا عنا “سيطروا على الدولة من خلال شرذمة قليلة مراهقة”. ماذا قالوا؟ قالوا أشياء هزلية أضحكت الناس.
قالوا أشياء لم يقل عُشرها مَنْ عاشرتموهم في أكثر من 160 دولة منذ ما يربو على 20 عامًا. لكن سأقول لكم شيئًا مقسماً بالله:” إن بعض السفهاء من الذين لم يعاشروكم 20 عامًا، ولا 20 شهرًا، ولا 20 أسبوعًا، ولا حتى 20 ساعة، بل لم يجلسوا معكم لمدة من الوقت ولم يتنفَّسوا الجو الذي تتنفسونه، نراهم يصفونكم بأوصاف مثل “الحشاشين” و”العصابة”، وينظرون إليكم وكأنكم تطمحون إلى شيء أو تطلبونه، هذا في حين أن هؤلاء الأشخاص لا يعرفون قيامكم في الليل وإحياءكم له، وعلاقتكم بالمولى عز وجل، وعلاقتكم بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يعرفون أنكم تعتبرون إهمال قيام الليل وتضييع صلاة التهجُّد ذنبًا عظيمًا، وأنكم تعتبرن اليوم الذي يمر بدون توبة أنه مر دون فائدة تعود عليكم. فهذه الادعاءات المضحكة التي يطلقها هؤلاء السفهاء تتسبب في إضحاك الناس في أكثر 160 بلدًا حول العالم.
سيروا على نحو مستقيم في الطريق الذي وهبكم الله إياه!
إذن أنتم لم تسيؤوا بسمعتكم ولم تلصقوا حتى الغبار باعتباركم، بإذن الله وحوله ومدده، ولم تقولوا: “إن أموال الدولة بحر كبير، ومن لا يأكل من هذا البحر…”؛ ففي رأيي أنكم لم ترتكبوا أي عيب أو أمر مشين! فلا تخجلوا! اثبتوا دائمًا بإذن الله وعونه… وسيروا في هذا الطريق المستقيم الذي وهبكم الله إياه. سيروا فيه لأنه طريق الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم الذي سار فيه.
نعم، إذا لم يكن بين أعمالكم ما يخجلكم أمام الله جل جلاله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإنني أدعوكم للثبات على منهجكم وموقفكم. فليشاهد الناس أوضاعهم المضحكة، أما أنتم فليس هناك ما يخجلكم أو يعيبكم بإذن الله وحوله.
إن الأشخاص الذين من المفترض أن يضحك الناسُ على أحوالهم، يجدون سلوانهم في أن يَضحكوا على أحوال الآخرين. ويحاولون التستر على عيوبهم عن طريق اتهام الآخرين. ويظنون أنهم يستطيعون أن يلهوا الشعب عما ارتكبو من سرقات واختلاسات وما إلى ذلك من الأفعال المشينة التي لا يمكن محوها من ذاكرة الضمير العام، وذلك من خلال إثارة قضايا وأجندات استثنائية بقصد الإلهاء، بيد أنهم غير مدركين أنهم كلما تكلموا ظهرت هذه المساوئ وتجلت في أذهان الشعب مرة ثانية.
وعلى الرغم من كل شيء، يجب عليكم ألا تتخذوا موقفاً سلبياً مِمَّنْ عجزوا عن فعل شيء ولو قدرا يسيراً مما أنجزتم من الأعمال الجبارة، وألا تقابلوهم حتى بالمثل.
ينبغي لكم أن تكونوا دائنين دائمًا، لكن لا يجب عليكم أن تطالبوا بما أنتم دائنون به. وعليكم أن تجعلوا هذه المروءة إحدى خصالكم حتى تذهبوا إلى الآخرة وأنتم كذلك دائنون، وأن تظهروا مروءتكم مرة أخرى هناك في الآخرة من خلال عدم المطالبة بحقوقكم ممن ظلموكم.